ما هو منتدى وسائل الإعلام في ثنائية؟

“الثنائية مرادفة للاثنينية، وهي كون الطبيعة ذات مبدأين، ويقابلها كون الطبيعة ذات مبدأ واحد، أو عدة مبادئ (الثنوية والاثنينية)”. وقد اشتقت لغويا من كلمة “اثنين”، فالثنائي هو كل ما انطوى على أو تكون من اثنين، وجمعه الثنائيات؛ أي تلك الألفاظ التي يتصل بعضها ببعض لعلائق أو وشائج تجمعها معنوية كانت أو مادية، وغالبا ما يذكر أحدهما بالآخر، وقريب منه المتقابلات والجدليات والأزواج. (محمد علا: الثنائيات في القرآن الكريم وجوانب التكامل والتدافع، 185)

       يقر القرآن الكريم صراحة بحقيقة الزوجية في عدد من الآيات، إذ يقول الله تعالى: “ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون” (الذاريات: 49)، وأيضا: “سبحن الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون”. (يس: 39). وهما الآيتين اللتين يثبتان المتضادات والمتقابلات وغيرها من الأزواج المتكاملة في الأنفس وفي الآفاق. (186، 187)

        كما أن البعد الثنائي مركزي في فهم القرآن الكريم وتدبر معانيه؛ إذ يصور حقائق كبرى في إطار ثنائيات صارمة لا تقبل تفسيرا ثالثا؛ وإن كانت ترتبط وتحيل على ثنائيات أخرى تزيدها إيضاحا وجلاء. (188)

        وقد استخدمت الثنائيات في دراسات اللغة؛ إذ يعتقد فرديناند دو سوسير أن قيمة ومعنى وحدات اللغة تكمن في التعارض الثنائي الذي يميزها؛ إذ يجري التعريف بكل وحدة في ضوء التحديد المتبادل القائم مع وحدة أخرى؛ وهو ما لا يشكل علاقة متناقضة بل علاقة بنيوية متكاملة.

       وهي تعبر أيضا، الثنائيات الضدية، عن نظرة فلسفية عميقة، من شأنها أن تتجاوز الجمع المباشر والسطحي بين طرفين، فحين يرتبط طرفان برابطة التضاد فإنهما يشكلان ثنائيات ضدية لا متناقضة؛ كأن يجتمع الخير والشر أو الظلام والنور؛ فإن العلاقة بين المتضادين المجتمعين هنا تبقى قائمة في ثنائية، فلا ينفي أي منهما الآخر، بل يدخلان في علاقة تواز، بحيث لا يتناقضان بل يتكاملان. ذاك أن حقيقة الوجود تنطوي على تقابل دائم بين طرفين، لكل منهما قوانينه الخاصة.

      وهي الفكرة التي ينطلق منها هذا المنتدى؛ إذ ينظر إلى وسائل الإعلام بوصفها طرفا في ثنائية، هي في الأساس ثنائية (وسيلة، محتوى) ولأن هذا المحتوى مترام في كل مجالات الحياة وحاضر في مختلف العلوم؛ فإن تسمية المنتدى أو طبيعة العمل فيه تحيل بشكل ما على أن وسال الإعلام هي المركز في هذه الثنائية المبهمة للوهلة الأولى أو المتكم عنها ابتداء.. حيث لا يُصرح أو يُفصح عن طرفها الثاني إلا حين يُقترب من ممارستها والاشتغال بها، لكن الإشكالات التي يطرحها المنتدى تُعلي الشق الأول من هذه الثنائية مقدما وتتمركز على نحو ما حوله أولا، فتأخذ وسائل الإعلام دور الهيمنة على الطرف الآخر دون أن يثني هذا الإشكالات المطروحة عن الانحناء لجانب مقابل يغرقها مسبقا في التحاقلية حين تفتح تسمية المنتدى على فرضية أن هذا “المركز” -الذي هو وسائل الإعلام- قابع لا محالة ومن دون شك في… ثنائية و/ أو ثنائيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *