رغم توقف أدبيات السينما لبيان أسباب دراسة الأفلام وضرورة التوجه نحوها، بوصف الباحثين فيها هم الأكثر موضوعية ووعيا بالمحتويات والوسائل الأنسب لمختلف الفئات العمرية؛ وبرغم كفايتها أيضا كأسباب تشرح لماذا يجب أن تمثل دراسات الأفلام الاتجاه الموازي للإنتاج السينمائي الذي لا يفتأ يزداد ضخامة، لتكون المرشد والرقيب على فيما وكيف تُخاطَب جماهير السينما، إلا أنها تبقى لتلتقي بسؤال الجدوى. ثم إنّا نلحظ بالمقارنة كيف يندُر التساؤل عن أهمية دراسات السوق أو الإعلان والعلاقات العامة، وكيف يُتَساءل بشكل أقل عن جدوى دراسات تأثير التكنولوجيا والفضاءات الرقمية أو دور المنتجات الإخبارية، مثلا، سواء كانت مكتوبة أو سمعية أو مرئية. وهو ما يرجع ربما لجلاء فائدتها. في حين لا تحظى جدوى الدراسات السينمائية بهذا القدر من الجلاء، فتستمر أسئلتها حتى لتُطَوق دارسيها أنفسهم وتُثير قلقهم حول مدى شموليتها ومرجعيتها والسبيل للاستفادة منها.
يقترح مشروع الفئة الدالة في دراسات الأفلام ترشيد هذه الدراسات من خلال إحداث التناغم المطلوب بين الذكاء الفردي والجمعي؛ باستخدام أسلوب الفئة الدالة بحسبه طريقة للنظر إلى الكل من الأفلام (الأشكال ذات الدلالة أو الدالة)، لكن ضمن المجموعة الواحدة، بدلا من الاهتمام بها منفردة على حدا. بحيث يتم البحث في عدد كبير من الأفلام داخل إطارها المناسب بما يكفل التمثيل الصحيح للمجتمعات البحثية المدروسة وتجنب التحيز المنهجي. وقياسا على مفهوم الشكل الدال لـ كلايف بل Clive Bell؛ تضم الفئة الدالة أيضا الأفلام المفردة لسينما معينة ما أو لسينمات، بحيث تتلاءم وتعمل معا لإرساء فكرة الكل أكثر من مجموعها كأجزاء. وهكذا، بدل أن تشتغل دراسات الأفلام على فيلم أو فيلمين أو حتى ثلاث، تبحث في فئة من الأفلام التي حددها الباحثون تبعا لملاحظاتهم العلمية؛ إما حسب النوع أو الموضوع أو المؤلف (بمعناه الشامل) أو الفئات العمرية المستهدفة، أو الحقبة الزمنية وتاريخ الصدور، أو أمكنة التصوير… وغيرها من المجموعات ذات الدلالة التي تتصل بالنظام العام للإنتاج الفيلمي أو الصناعة السينمائية من حيث هي كذلك، بما يُفصح عن السياق الكلي أو الأشمل الذي تنتمي إليه الأفلام.
وهكذا يحيل أسلوب الفئة الدالة على توليفة بين الذكاء الفردي والجمعي في دراسة الأفلام، وهو شيء من الأهمية بما كان، لأن الاعتماد على الذكاء الأول دون الثاني، يعني العمل على عينات فيلمية صغيرة الحجم وهو ما يؤدي إلى نتائج أقل دقة، جزئية، ومقتطعة من سياقها العام. في حين يتيح التعاون بين الباحثين اختيار أطر عينات يتحقق فيها مواصفات الشمول والكمال والكفاية تجنبا أو تقليلا لظهور أخطاء تؤثر سلبا على صدق تمثيل العينات لمجتمعات البحث في الخصائص والسمات التي توصف بها.
وكلما كانت العينات الفيلمية أكبر زادت فرصة تمثيلها للمجتمع الأصلي الذي سحبت منه، وبالتالي إمكانية تعميم النتائج البحثية وثباتها النسبي، بما يُؤهل دراسات الأفلام لاحقا لإصدار الأحكام وحتى استشراف المستقبل، ويكفل انتقال خطابها العلمي إلى بقية الوسائط التعليمية والتثقيفية والإعلامية.
للمزيد حول أسلوب الفئة الدالة في دراسة الأفلام؛ أنقر على الرابط: